الحديث الثاني عشر
عن أبي هريرة . قال : قال رسول الله ( من حسن إسلام المرء تركــه ما لا يعنيــه ) رواه الترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح .
---------------------------------------------------------
معاني الكلمات :
من حسن : أي من كمال وجمال .
إسلام المرء : أي استسلامه وانقياده .
تركه : يشمل الأقوال والأعمال .
ما لا يعنيه : أي ما لا تتعلق به عنايتــه ويهتم به .
الفوائد :
1- أن الدين الإسلامي كله محاســن .
2- أن من حسن وكمال إيمان الإنسان تركه ما لا يهمــه في دنياه وآخرتــه من أقوال أو أعمال .
قال ابن رجب رحمه الله :
” فمن عبد الله عن استحضار قربه ومشاهدته بقلبه أو على استحضار قرب الله منه واطلاعه عليه ، فقد حسن إسلامه ولزم من ذلك أن يترك كل ما لا يعنيـــه في الإسلام ، ويشتغل بما يعنيـــه فيه ، فإنه يتولد من هذين المقامين الاستحياء من الله ، وترك كل ما يستحيى منه “ .
3- ينبغي للمسلم أن يحرص على تحسين إسلامــه .
4- أن عدم ترك الإنسان لما لا يعنيــه يدل على أن إسلامه ليس بحسن .
قال الغزالي : ” علاج ترك ما لا يعني أن يعلم أن الموت بين يديــــه ، وأنه مسؤول عن كل كلمــة تكلم بها ، وأن أنفاســـه رأس ماله ، وأن لسانه شبكتــه يقدر على أن يقتنص _ أي يصطاد _ بها الحور العين ، فإهماله وتضييعه فيما لا يعنيـــه خسران مبين “ .
وقال الحسن : ” من علامــة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيــــه “ .
وقال معروف الكرخي : ” كلام العبــد فيما لا يعنيـــه خذلان من الله تعالى “ .
وقال مالك بن دينار : ” إذا رأيت قساوة في قلبك ، وضعفاً في بدنك ، وحرماناً في رزقك ، فاعلــم أنك قد تكلمت فيما لا يعنيك “ .
وقيل للقمان : ” ما بلغ بك ما نرى ؟ قال : صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وترك ما لا يعنيني “ .
وقال يونس بن عبيد : ” ترك كلمــة فيما لا يعني أفضل من صوم يوم “ .
وقال الشافعي : ” ثلاثة تزيد في العقل : مجالسة العلماء ، ومجالسة الصالحين ، وترك الكلام فيما لا يعني “ .
وقال أيضاً : ” من أراد أن ينور الله قلبه فليترك الكلام فيما لا يعنيــــه “ .
5- نماذج مما لا يعني المسلم :
- حفظ اللسان من لغو الكلام ومما لا فائدة فيه .
قال بعض العارفين : ” إذا تكلمت فاذكر سمع الله لك ، وإذا سكت فاذكر نظره إليه “ .
وقال عمر بن عبد العزيز : ” من عدّ كلامه من عمله ، قلّ كلامه إلا فيما يعنيــــه “ .
وقد نفى الله الخير عن كثير مما يتناجى به الناس بينهم ، فقال : لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس .
- أنواع اللهو واللعب التي تصد عن ذكر الله .
- كثير من الهوايات المضيعة للوقت والمــال .
- قراءة القصص والروايات والمقالات الرديئة التي تثير الغرائز بالطرق المحرمــة .
- التدخل في خصوصيات الآخرين وشؤونهم مما لا يصادم الشريعة الإسلامية ، وليس مجالاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ولما عرف السلف حدود السؤال والتدخل ، ارتقت حياتهم الاجتماعية إلى مستويات لم يعرفها العالم من قبل .
فهذا سعيد بن المسيب – رحمه الله – لما زوج ابنتــه الجميلة الفقيهة من تلميذه الفقير ، ثم سأله كيف وجدت أهلك
[ سؤال عام ] فقال : بخير على ما يحب الصديق ويكره العدو ، ولم يتدخل سعيد أكثر من ذلك .
والتدخل في شؤون الغير له أحوال :
يكون واجباً : مثل التدخل لتغيير المنكر ، ويأثم لو لم يتدخل وهو يستطيع .
يكون مستحباً : مثل التدخل لتحسين وضع أخيك في طريقة كلامه مثلاً .
ويكون مباحاً : كسؤال إنسان هل سافر أم لا .
ويكون مكروهاً : مثل سؤال رجل يتحرج في الجواب في أمر خاص به .
ويكون محرماً ، مثل التجسس على المسلم .
6- ينبغي للمسلم أن ينشغل بما يعنيه وينفعـــه .
7- اغتنام الحياة بالعمــل الصالح .
8- أن الإيمان يزيد وينقــص .