الصحبه واثرها...
--------------------------------------------------------------------------------
اولا: حقيقة الصحبه
الانسان بطبعه اجتماعي يميل للمخالطه والايلاف, وسمي الانسان انسانا لانه يانس مع غيره من الناس فلذالك يميل كل منا ان يجد له رفيق او صاحب او اخ في هذه الدنيا , تستريح اليه نفسه .. ويركن اليه قلبه . فكما قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه (رب اخ لك لم تلده امك).
والمرء مفطور على التأثر والتأثير مع من يتلاءم معه في نفسيه وصحبه سلوك اجتماعي لايكاد ينفك عنه تاريخ البشرية فهو مصدر من مصادر تربيته ومعرفته وثقافته في الحياة .
والصحبه مطلب نفسي لايستغني عته الانسان خصوصا في مرحلة الشباب والمراهقة وهو شي شعوري وتربوي ذو ابعاد عملية في الحياة . للصاحب تاثير قوي وفعال على طبع وسلوك صاحبه فهي ارواح مجندة كم قال المصطفى صلى الله عليه وسلم
((الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف)) رواه مسلم
وعندما تنظر الى الناس في مجتمعاتهم تجد الصغار مع الصغار والشباب مع الشباب والكبار مع الكبار .وهنا يمكن عامل الائتلاف وهي مرحلة السن . وكذا تجد الاشرار مع الاشرار والاخيار مع الاخيار يجمعهم شي واحد كلا حسب هواه ولذا يوصي العلماء بصحبة الاخيار وترك الاشرا ويقولون في حكمهم
(من صاحب خيرا أصاب بركته فجليس ألاولياء لا يشقى وان كان كلبا ككلب اهل الكهف ). وقال علي بن ابي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه
لا تصاحب الفاجر فانه يزين لك فعله ويود لو أنك مثله).أثر الصحبــــــــة:
الصحبه لها أثر واضح في حيات الانسان ترفع من شخصيته , وهي التي تمد في ثقافته, وهي التي تؤثر في سلوكه وانفعالاته واتجاهاته وقد تمثل هذا بمثل ضربه لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم وقال
(
انما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك اي يعطيك او إما ان تبتاع منه واما أن تجد منه ريحا طيبا ونافخ الكير إما يحرق ثيابك وإما ان تجد منه ريحا خبيثة)) رواه البخاري
والرسول (ص) مثل الجليس بالشي المشموم من الرائحة الطيبة والرائحة الخبيثة .
وقد نبه بهذا الحديث على حق الانسان ان يتحرى بغاية جهده مصاحبة الاخيار ومجالستهم فهي قد تجعل الشرير خيرا كما ان صحبة الاشرار قد تجعل الخير شريرا.
فالمرء على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل" حديث شريف..
وقال الشاعر
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
فكل قرين بالمقارن يقتدي
إذا كنت في قوم فصاحب خيارهـــــــم
ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
فالحذرمن مجالستهم والاختلاط بهم, ان طبعك يسرق منهم وانت لاتدري ..
واياكم وقرنا السوء فقد ورد في الاثر (
إياك وقرين السوء فانك به تعرف) . فصاحب السوء يتقلب حسب المصلحة فقد يخون صديقه في الكلام الذي كان يدور بينهم والصحبه أمانه كما في الحديث " إنما يتجالس المجالسان بالامانة ولا يحل لاحدهما أن يفشي على صاحبه ما يكره .
ومن اشد ما يتاثر به الانسان الصحبه في سن مبكر وخاصة في سن المراهقة ففي سن المراهقة تتكون شخصيت الانسان وفي هذا السن يبدا الانسان البحث عن شخصيته الحقيقية ففي هذه المرحلة يكون عند المراهق الاستعداد للصداقة ويبدا البحث عن صديق ورفيق يكتسب منه تجارب الحياة فذا كان الصديق سيء الخلق والسلوك اكتسب اكتسب فيه السلوك السيء كالانحرافات الجنسية والعدوانية والتاخر عن الدراسة والسرقة والكذب والفساد ويضل هذا السلوك ينمو معه كلما كبر ويكبر معه السلوك ويتطور هذا السلوك حتى يكون الانسان وبالا على نفسه واهله زمجتمعه بل وعلى المجتمع الانساني....
للصحبة آداباً قلّ من يراعيها. ولذلك فإننا كثيراً ما نجد المحبة تنقلب إلى عداوة، والصداقة تنقلب إلى بغضاء وخصومة، ولو تمسك كل من الصاحبين بآداب الصحبة لما حدثت الفرقة بينهما، ولما وجد الشيطان طريقاً إليهما.
ومن آداب الصحبة التي يجب مراعاتها: 1- أن تكون الصحبة والأخوة في الله عز وجل.
2- أن يكون الصاحب ذا خلق ودين، فقد قال صلى الله عليه وسلم : { المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل } [أخرجه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني].
3- أن يكون الصاحب ذا عقل راجح.
4- أن يكون عدلاً غير فاسق، متبعاً غير مبتدع.
5- ومن آداب الصاحب: أن يستر عيوب صاحبه ولا ينشرها.
6- أن ينصحه برفق ولين ومودة، ولا يغلظ عليه بالقول.
7- أن يصبر عليه في النصيحة ولا ييأس من الإصلاح.
8- أن يصبر على أذى صاحبه.
9- أن يكون وفياً لصاحبه مهما كانت الظروف.
10- أن يزوره في الله عز وجل لا لأجل مصلحة دنيوية.
11- أن يسأل عليه إذا غاب، ويتفقد عياله إذا سافر.
12- أن يعوده إذا مرض، ويسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، وينصح له إذا استنصحه، ويشمته إذا عطس، ويتبعه إذا مات.
13- أن ينشر محاسنه ويذكر فضائله.
14- أن يحب له الخير كما يحبه لنفسه.
15- أن يعلمه ما جهله من أمور دينه، ويرشده إلى ما فيه صلاح دينه ودنياه.
16- أن يذبّ عنه ويردّ غيبته إذا تُكلم عليه في المجالس.
17- أن ينصره ظالماً أو مظلوماً. ونصره ظالماً بكفه عن الظلم ومنعه منه.
18- ألا يبخل عليه إذا احتاج إلى معونته، فالصديق وقت الضيق.
19- أن يقضي حوائجه ويسعى في مصالحه، ويرضى من بره بالقليل.
20- أن يؤثره على نفسه ويقدمه على غيره.
21- أن يشاركه في أفراحه، ويواسيه في أحزانه وأتراحه.
22- أن يكثر من الدعاء له بظهر الغيب.
23- أن ينصفه من نفسه عند الاختلاف.
24- ألا ينسى مودته، فالحرّ من راعى وداد لحظة.
25- ألا يكثر عليه اللوم والعتاب.
26- أن يلتمس له المعاذير ولا يلجئه إلى الاعتذار.
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ////* جاءت محاسنه بألف شفيع
27- أن يقبل معاذيره إذا اعتذر.
28- أن يرحب به عند زيارته، ويبش في وجهه، ويكرمه غاية الإكرام.
29- أن يقدم له الهدايا، ولا ينساه من معروفه وبره.
30- أن ينسى زلاته، ويتجاوز عن هفواته.
31- ألا ينتظر منه مكافأة على حسن صنيعه.
32- أن يُعلمه بمحبته له كما قال صلى الله عليه وسلم: { إذا أحب أحدكم أخاه فليُعلمه أنه يحبه } [أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الألباني].
33- ألا يعيّره بذنب فعله، ولا بجرم ارتكبه.
34- أن يتواضع له ولا يتكبر عليه. قال تعالى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الشعراء:215].
35- ألا يكثر معه المُماراة والمجادلة، ولا يجعل ذلك سبيلاً لهجره وخصامه.
36- ألا يسيء به الظن. قال صلى الله عليه وسلم: { إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث } [رواه مسلم].
37- ألا يفشي له سراً، ولا يخلف معه وعداً، ولا يطيع فيه عدواً.
38- أن يسارع في تهنئته وتبشيره بالخير.
39- ألا يحقر شيئاً من معروفه ولو كان قليلاً.
40- أن يشجعه دائماً على التقدم والنجاح.
والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.