الحديث الحادي عشر
عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب – سبط رسول الله وريحانته – قال : حفظت من رسول الله : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فإن الصدق طمأنينــة والكذب ريبــة ) . رواه الترمذي والنسائي .
---------------------------------------------------------
معاني الكلمات :
سبط : السبط هو ولد الولد سواء ذكراً أو أنثى .
دع : اترك .
ما يريبك : أي ما تشك فيه ولا تطمئن إليه .
إلى ما لا يريبك : أي إلى الشيء الذي لا ريب فيه .
الفوائد :
1- هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الدين ، واصل في الورع الذي عليه مدار اليقين ، ومنج من ظلم الشكوك والأوهام المانعــة من نور اليقين .
2- للورع فضائل :
أولاً : أنه سبب لاستبراء العرض والدين .
كما في حديث : ( من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضــه ) .
ثانياً : أنه خير خصال الدين :
قال : ( وخير دينكم الورع ) رواه الحاكم .
ثالثاً : من علامات العبادة .
قال : ( كن ورعاً تكن أعبد الناس ) رواه الترمذي .
رابعاً : أنه من هدي النبي وخلقه .
عن أنس : ( أن النبي وجد تمرة في الطريق فقال : لولا أني أخاف أن تكون من الصدقــة لأكلتها ) متفق عليه .
خامساً : أنه سبب للنجاة .
كما في حديث الباب ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) .
من أقوال السلف في الورع :
قال الحسن : ” ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام “ .
وقال حسان بن أبي سنان : ” ما من شيء أهون من الورع ، إذا رابك شيء فدعــه “ .
وقال عمر : ” كنا نترك تسعــة أعشار الحلال مخافة أن نقع في الحرام “ .
وقال العسكري : ” لو تأمل الحذاق في هذا الحديث لتيقنوا أنه قد استوعب كل ما قيل في تجنب الشبهــات “ .
وقال شيخ الإسلام : ” الورع من قواعد الدين “ .
وقال ابن المبارك : ” ترك فلس من حرام أفضل من مائة ألف فلس أتصدق بها “ .
3- فضل اتقـــاء الشبهــــات .
4- فضل الصدق وأنه سبب للطمأنينة . فضائل الصدق :
أولاً : أنه سبب للطمأنينــة .
كما في حديث الباب : ( فإن الصدق طمأنينة ) .
ثانياً : هو المميز بين المؤمن والمنافق .
قال : ( آية المنافق ثلاث : ... وإذا حدث كذب ... ) .
ثالثاً : لا ينفع يوم القيامة إلا الصدق :
قال تعالى : هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم .
رابعاً : الصدق أصل كل بر .
قال : ( إن الصدق يهدي إلى البر ) متفق عليه .
خامساً : أن مجاهدة النفس على تحري الصدق توصلها إلى مرتبة الصديقية .
قال : ( .. ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ) .
فائدة :
والصدق يشمل :
الصدق في الأقوال – والصدق في الأعمال – والصدق في النية [ أن تكون خالصة لله ] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ” والصدق أساس الحسنات وجماعها ، والكذب أساس السيئات ونظامها “ .
علامات الصدق :
أولاً : أنه يورث السكينة والطمأنينــة .
ثانياً : الزهد في الدنيا والتأهب للقاء الله .
ثالثاً : سلامة القلب ، فان المؤمن الصادق لا يحمل في قلبه غشاً للمسلمين ولا شراً .
رابعاً : الزهد في ثناء الناس ومدحهم بل وكراهة ذلك .
قال ابن القيم : ” لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء إلا كما يجتمع الماء والنار “ .
خامساً : الشعور بالتقصير والانشغال بإصلاح النفس عن غيرها .